صبر ورضا
كان صبره صلى الله عليه وسلم يفوق كل وصف، فلقد صبر صبرا يفوق صبر أخيه أيوب عليه السلام في الغنى والفقر، وفي السلم والحرب، وفي الصحة والسقم.
لقد صبر عليه الصلاة والسلام ورضي عن ربه الرحيم الرحمن رضى فوق ما يصفه الواصفون، ويفسره المفسرون.
ولد يتيما، وتحمل لوعة وأسى اليتم، وكبر وكبرت معه غربته صلى الله عليه وسلم، ومات عمه وماتت زوجته، وأوذي أشد الاذى، وكذب أشد التكذيب، ورمي في صدقه، فقيل: مجنون وشاعر، وكذاب وكاهن وساحر، فكان صابرا راضيا.
وكيف لا يرضى ويصبر وهو الذي أنزل عليه قول ربه تعالى: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”. وقوله سبحانه: “ولئن صبرتم لهو خير للصابرين؟”.
كيف لا يصبر وقد اخبر بمحبة الله عز وجل لأهل الصبر، فقال جل وعلا: “والله يحب الصابرين”.
كان صبره صلى الله عليه وسلم يفوق كل وصف، فلقد صبر صبرا يفوق صبر أخيه أيوب عليه السلام في الغنى والفقر، وفي السلم والحرب، وفي الصحة والسقم.
لقد صبر عليه الصلاة والسلام ورضي عن ربه الرحيم الرحمن رضى فوق ما يصفه الواصفون، ويفسره المفسرون.
ولد يتيما، وتحمل لوعة وأسى اليتم، وكبر وكبرت معه غربته صلى الله عليه وسلم، ومات عمه وماتت زوجته، وأوذي أشد الاذى، وكذب أشد التكذيب، ورمي في صدقه، فقيل: مجنون وشاعر، وكذاب وكاهن وساحر، فكان صابرا راضيا.
وكيف لا يرضى ويصبر وهو الذي أنزل عليه قول ربه تعالى: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”. وقوله سبحانه: “ولئن صبرتم لهو خير للصابرين؟”.
كيف لا يصبر وقد اخبر بمحبة الله عز وجل لأهل الصبر، فقال جل وعلا: “والله يحب الصابرين”.
كيف لا يصبر وقد أخبره ربه بأن الجنة مآل الصابرين. فقال سبحانه: “إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون”.
لقد صبر صبرا يتفق مع نبوته ورسالته ومكانته كسيد للأنبياء والمرسلين عامة، ولأولي العزم منهم خاصة، قال جل وعلا: “فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل”.
صبر حتى بلغ أعلى درجات الصبر منزلة، وهو الصبر بلا شكوى وعاش بين من آذوه في مكة ولسان حاله يقول: “فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون”.
لقد علمنا صلى الله عليه وسلم أن ساحة العافية أوسع للعبد ما لم تنزل به المصيبة، فإذا نزلت به المصيبة كانت ساحة الصبر له أوسع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: “وما أعطي أحد عطاء أوسع من الصبر” (رواه البخاري ومسلم).
ابتلاء المؤمنين
وقد صبرنا الله جل وعلا بنبينا صلى الله عليه وسلم لأنه القدوة والأسوة لنا، والذي ما سمعنا أو قرأنا أنه سخط يوما على قضاء الله، أو تبرم يوما من قدر الله، أو جزع يوما من مراد الله. مات ولده بين يديه فكان راضيا وصابرا، تنساب دموع الرحمة على خديه ليعلن للبشرية كلها أنه بشر، يصيبه ما يصيب البشر، وان الله يرحم من عباده الرحماء. فلا لطم للخدود، ولا شق للجيوب ولا دعوة بدعاوى الجاهلية، وإن الصبر عند الصدمة الاولى.
وفي سمع الزمان يبقى صوت محمد عليه الصلاة والسلام وهو يقول: (ان العين لتدمع، وان القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا).
قال صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط). (رواه الترمذي).
حاشا لله أن يعذب المؤمنين بالابتلاء، وان يؤذيهم بالفتن، كلا، ولكنه الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة الكبرى، والمسؤولية العظمى، والعقيدة العليا، لأنها في حاجة الى اعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة وإلا بالاستعلاء الحقيقي على الشهوات، والا بالصبر الحقيقي على الآلام. فكما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به، كذلك تصنع الفتن بالنفوس حيث تصهرها فتنفي عنها الخبث. قال تعالى: “وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون، وكان ربك بصيرا”.
والصبر ضياء كما اخبر النبي عليه الصلاة والسلام، يضيء الطريق لصاحبه في الدنيا والآخرة.
فمن صبر على شهوة البطن والفرج سمي عفيفا، ومن صبر على فتنة القتال سمي شجاعا، ومن صبر على اذى الناس وكظم غيظه سمي حليما، ومن صبر على اخفاء سر سمي كاتما للسر، ومن صبر على الفقر سمي زاهدا وهكذا.
لماذا الجزع؟
والانسان المؤمن قد علم يقينا ان قدر الله نافذ لا محالة، فلماذا الجزع والتبرم عند وقوع البلية والمصيبة؟ فإذا صبر الانسان نفذ قدر الله وأجر، وإذا لم يصبر نفذ قدر الله ايضا وأثم، فأيهما خير له؟
قال صلى الله عليه وسلم: “عجبا لأمر المؤمن ان امره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن. ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن اصابته ضراء صبر فكان خيرا له) (رواه مسلم).
تعلمنا منه صلى الله عليه وسلم ان الجزع وعدم الصبر لا يرد مفقودا وذاهبا، ولا يبعث ميتا، ولا يرد قدرا، ولا يجلب نفعا، وهو مخاصمة للقضاء، وتبرم بالمحتوم، ونقمة على النعمة.
لأنه يرى صاحبه الماء الزلال علقما، والوردة حنظلة، والحديقة الصحراء قاحلة، والحياة سجنا لا يطاق.
إذاً فلماذا التبرم والضيق، والتسخط على قضاء الله وقدره عند نزول المصاب والبلية؟
ان كنت فقيرا فغيرك محبوس في دين، وان كنت لا تملك وسيلة نقل فسواك مبتور القدمين، وان كنت تشكو من آلام فالآخرون راقدون على الأسرة البيضاء من سنوات، وإن فقدت ولدا، فسواك فقد عددا من الاولاد في حادث واحد.
قال صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله).
فالذي لا يصبر ولا يرضى ولا يسلم للمقدر، فإن استطاع أن يبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء، وإن شاء “فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ”.
فيا أيها المعذبون في الأرض، بالجوع والضنك والألم، والمرض والفقر، اصبروا وأبشروا، فإنكم سوف تشبعون وتسعدون، وتقرحون وتصحون، وحق على العبد ان يظن بربه خيرا وأن ينتظر منه فضلا، وأن يرجو من مولاه لطفا، فإن من أمره في كلمة (كن) جدير بأن يوثق بموعوده، وان يتعلق بعهوده، فلا يجلب النفع إلا هو، ولا يدفع الضر إلا هو.
قال تعالى: “واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”.
وقال عليه الصلاة والسلام: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).
فصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على البلاء، طريق المؤمنين الى جنة رب الأرض والسماء